المشير احمد اسماعيل
بقلم المقاتل محمد حجازي 🇪🇬
في شارع الكحالة الشرقي بحي شبرا الشعبي، وُلد أحمد إسماعيل علي في 14 أكتوبر 1917، في منزلٍ متواضع يحمل الرقم 8. كان والده ضا.بط شر.طة صلب العود، وصل إلى رتبة مأمور، لكن قلب أحمد الصغير كان ينبض بحلمٍ آخر: أن يصبح ضا.بطًا في الج.يش المصري، يد.افع عن تراب الوطن. منذ طفولته، تخيّل نفسه يرتدي الزي العسكر.ي، يقو.د الجنو.د، ويحمل راية العزة.
لكن الطريق إلى حلمه لم يكن مفروشًا بالورود. بعد حصوله على الثانوية العامة من مدرسة شبرا، حاول الالتحاق بالكلية الحر.بية، لكن الأبواب أُغلقت في وجهه مرتين لأنه من "عامة الشعب". لم يستسلم أحمد، فالتحق بكلية التجارة، لكنه ظل يحمل في قلبه شغفًا لا يهدأ. في المحاولة الثالثة، وبعد أن فتحت الكلية أبوابها للمصريين، تحقق الحلم أخيرًا في عام 1936. دخل أحمد الكلية الحر.بية، ليصبح زميلًا لأسماءٍ ستُخلَّد في التاريخ: جمال عبد الناصر وأنور السادات.
تخرج أحمد إسماعيل عام 1938 برتبة ملازم ثانٍ، ليبدأ رحلته العسكر.ية في سلا.ح المشاة. من منقباد إلى السودان، ثم إلى فلس.طين في بعثة تدريبية عام 1945، حيث أظهر تفوقًا لافتًا جعله الأول بين زملائه. شارك في الحر.ب العالمية الثانية كضا.بط مخا.برات في الصحراء الغربية، حيث لمعت مواهبه في عالم الاستخبا.رات. وفي حر.ب فلس.طين 1948، قا.د سر.ية ببسالة، وكان رائدًا في إنشاء قو.ات الصا.عقة المصرية، تلك القو.ة التي أصبحت رمزًا للجرأة والكفاءة.
لم يكتفِ أحمد إسماعيل بالميدان، بل سعى لصقل عقله. حصل على ماجستير العلوم العسكر.ية عام 1950، وكعادته، كان الأول. درّس التكتيك في الكلية الحر.بية لثلاث سنوات، ثم ارتقى إلى رتبة لواء عام 1953. واجه العد.وان الثلاثي عام 1956 كقا.ئد للواء الثالث في رفح، ثم القنطرة شرق، وكان أول من تسلم بورسعيد بعد ا.نسحاب المعتد.ين.
في سيناء، قا.د القو.ات بين 1961 و1965، وعندما أُنشئت قيا.دة القوا.ت البرية، تولى رئاسة أر.كانها. لكن نكسة 1967 كانت محطة قاسية. أُقيل أحمد إسماعيل مع قا.دة آخرين، لكن جمال عبد الناصر، الذي عرف قيمته، أعاده سريعًا ليترأس هيئة العمليا.ت. هنا، بدأت عبقريته تتشكل. كان يؤمن إيمانًا راسخًا أن الجند.ي المصري لم يُمنح فرصته الحقيقية في 1967، وأن معر.كة عادلة ستغير موازين القو.ى. أعاد تنظيم القو.ات، أسس الج.يشين الثاني والثالث، وبنى خطًا دفا.عيًا في ثلاثة أشهر فقط، ليعيد الثقة إلى الجند.ي المصري من خلال معا.رك مثل رأس العش والجزيرة الخضراء، وتد.مير المد.مرة إيلات.
بعد اس.تشهاد عبد المنعم رياض عام 1969، اختاره عبد الناصر رئيسًا لأ.ركان حر.ب القو.ات المس.لحة. لكن إقالته الثانية جاءت في نفس العام، فانزوى أحمد إسماعيل ليكتب خطة حر.بية عبقرية لا.ستعادة سيناء. لم يرسلها إلى عبد الناصر، لكنه احتفظ بها كحلمٍ ينتظر لحظة التحقق.
مع تولي أنور السادات الرئاسة عام 1970، عاد أحمد إسماعيل إلى الواجهة. في مايو 1971، أصبح رئيسًا للمخا.برات العامة، ثم في أكتوبر 1972، تولى منصب وزير الحر.بية وقا.ئدًا عامًا للقو.ات المسل.حة. كانت تلك اللحظة التي طال انتظارها. تحت قيا.دته، خُط.طت حر.ب أكتوبر 1973 بعناية فائقة. لم يترك شيئًا للصدفة. كل خطوة، كل قرار، كان مدروسًا بدقة. قا.د الجبهات المصرية والسورية والأردنية، وفي السادس من أكتوبر، عبرت القو.ات المصرية قناة السويس، محققة نصرًا أذهل العالم.
في 19 فبراير 1974، منح السادات أحمد إسماعيل رتبة المشير، ليصبح ثاني مصري يصل إلى هذه الرتبة بعد عبد الحكيم عامر. حصل على وسام نجمة الشرف العسكر.ية، واختارته مجلة الجيش الأمريكي ضمن أعظم 50 شخصية عسكرية عالمية لإسهامه في تطوير تكتيكات الحر.ب.
لكن القدر لم يمهله طويلًا. في 25 ديسمبر 1974، رحل المشير أحمد إسماعيل في مستشفى بلندن عن عمر 57 عامًا، تاركًا إرثًا عسكر.يًا لا يُمحى. وقف السادات في البرلمان، مشيرًا إليه بفخر: "الواجب يقتدينا أن نسجل ثقتنا المطلقة في القو.ات المسل.حة وقيا.داتها التي خط.طت للحر.ب والنصر". كان أحمد إسماعيل رمزًا للعزيمة والتخطيط، قا.ئدًا وُعد وأوفى، وسطر اسمه بحروف من نور في سجل العسكر.ية المصرية.
#روسيا #أمريكا
0 تعليقات