الشّاعرة حياة بربوش ..."أتظنُّ" 🇹🇳

 

"أتظنُّ"

أتظنُّ أنّكَ حين تركتني...

ورقصتَ نشوة...

على وقع عبراتي...

وبعثرتني كذرّة رمل...

تعبث بها الرّياح في الفلوات...

أتظنُّ أنّك حين مزّقت حكاياتي،

وكسرت قوارير عطوري...

أنّكَ بذلك اغتلتَ ابتساماتي...

جبنا ما فعلتَ أيّها المغرور!

سأنبعث كالرّعد المدمدم...

وأحاصرك من كلّ الجهات...

سأنتفض كالطّائر المذبوح...

ألملم شتات عمريَ...

وما تبقّى لي من ريشاتي،

سأصير عاصفة هوجاء...

فاحذرْ زمجرة ثوراتي...

سأشكوك إلى ربّي...

وأدعو عليك في صلواتي...

إمرأة أنا من تلك الأزمان...

زمن شهريار وشهرزاد...

زمن بلقيس وسليمان...

كلّ شيء يثير غضبي...

وكلّ شيء يثير أشجاني..

خلقتُ من نور ونار...

من جمر حارق وجمّان...

إيّاك...إيّاك...

أن تُلهب رماد أحزاني...

إيّاك...إيّاك...

أن تسقط زهر الرّمان...

من جدائل أغصاني...

بربريّة أنا في توحّشي...

وفي زحفيَ وكأنّني... 

فيالق جيش رومانيّ...

أتظنّ أنّك بهمجيّتك...

اخترقتَ أسوار مملكتي...

وهدمتَ كلّ حصوني...

أتظنّ أنّكَ ستعبُر مدني..

وتسكن رغما عنّي...

بين الشّريان والشّريان...

ما عاد غرامك يغريني...

فقد أفضتَ ياهذا..

كؤوس نبيذي بالأحزان...

هجرتُك ...

مللتك...

كرهتك في كلّ الأحيان...

فررتُ منك كما تفرّ...

فزعا من الصّياد فراخ الحمام،

حاصرتني...

أبكيتني...

روّعتني على مرّ الأيام...

لم تصبْني سهامك...

فتجرّع مرارة الخذلان...

لا تحلم بعد اليوم...

أن أنثركَ بخورا...

فائحا في كلّ مكان...

أتظنّ أنّي بعد اليوم...

سأذكرك...

سأشتاقك...

بل،سأدفنك في مقابر النّسيان...

سأحرق الدّنيا وما فيها...

وأدعو أن يأخذك الطّوفان...

وتُفنيك حِمم البركان...

أتظّنُ أنّكَ محوتَ...

من ذاكرة التّاريخ...

اسمي وعنواني...

وأنّك زلزلتَ كياني...

فرحيلك يا هذا عنّي...

ماأماتني بل أحياني...

وعشقك لي كذبة بيضاء...

خنقتها بين أربعة جدران...

ما عدتُ أخاف غيابك...

فأنا دونك أيّها الجبان...

مُهرة حرّةٌ...

تركض...تركض...

متمرّدة مستبدّة...

ترقص على الرّمل...

رقصة النّشوان...

الشّاعرة حياة بربوش